الوجه القرآن كلُّه منسوخ، لأنه نُسخ من اللوح المحفوظ، فأنزله الله تعالى على النبي - صلى الله عليه وسلم - واستدل على ذلك.
ب- الوجه الثاني: بمعنى رفع الشيء وإبطاله، يقال: نسخت الشمس الظل، أي: ذهبت به وأبطلته. قال: وإيَّاه عنى بقوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}. ثم قال: وعلى هذا الوجه يكون بعض القرآن ناسخًا وبعضه منسوخًا، وهو ما تعرفه الأمة من ناسخ القرآن ومنسوخه.
فبيَّن الثعلبي أن المراد بالنسخ إذا أطلق هذا المعنى. وذكر أنه يتنوع إلى نوعين:
أ- أحدها: أن يثبت خط الآية، ويُنسخ حكمها والعمل بها.
ب- والنوع الثاني: أن تُرفع الآية أصلًا، فتكون خارجةً من خط الكتاب، وبعضها من قلوب الرجال.
واستدل على الثاني بحديث لسعيد بن المسيب في ذلك.
وهكذا نرى أن الثعلبي يعرِّف النسخ تعريفًا يشبه تعريف الأصوليين كثيرًا، حيث يعرف الأصوليون النسخ بأنه: رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر (١).
والثعلبي كذلك يعرف النسخ بأنه إبطال شيء وإثبات آخر مكانه. ويزيد هذا التعريف وضوحًا كلامه في الرد على اليهود الذين أنكروا
(١) انظر: "روضة الناظر" ١/ ٢٠٩، "الإحكام" للآمدي ٢/ ١٠٤، "إعلام الموقعين" ١/ ٣٥، "شرح الكوكب المنير" ٣/ ٥٢٦، "علم أصول الفقه" لعبد الوهاب خلاف (ص ٢٢٢).