معرفة الناسخ والمنسوخ أمر ضروري لا سيما لمن أراد أن يفسِّر كتاب الله عز وجل وهو من أجل علوم القرآن قدرًا، ولذلك قرَّر العلماء أنه لا يجوز لأحد أن يفسِّر كتاب الله إلا بعد أن يعرف الناسخ والمنسوخ (١).
يقول أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره "الكشف والبيان" مبيّنًا أهمية هذا العلم: هو نوع كبير من علوم القرآن لا يسع جهله لمن شرع في التفسير. ثم يذكر لنا اهتمام الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح بهذا العلم، وتأكيدهم على أهميته وضرورته، حيث يروي الثعلبي بسنده إلى على بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه مرَّ بقاصٍّ يقصُّ فقال: هل تعلم الناسخ والمنسوخ؟ فقال: لا. فقال: هلكتَ وأهلكتَ.
وكان الثعلبي لا يمر بآية ناسخة، أو منسوخة إلا ويقف عندها، ويذكر ما قيل فيها. ومن الأمثلة:
- عند قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}[البقرة: ١٨٤] قال: قال قوم: كان ذلك في أول ما فرض الصوم، وذلك أن الله تعالى لما أنزل فرض صيام شهر رمضان على رسوله، فخيرهم الله تعالى بين الصيام والإطعام، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر، وافتدى