للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} من الآخرة، فكيف يتناولون التوبة، وإنما يقبل التوبة في الدنيا وقد ذهبت الدنيا فصارت بعيدًا من الآخرة؟ ! .

٥٣ - {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}

أي: من قبل نزول العذاب.

{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} يعني: يرمون محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالظنون لا باليقين، وهو قولهم له (١): إنه ساحر، بل هو كاهن، بل شاعر. هذا قول مجاهد. وقال قتادة: يعني يرجمون بالظن يقولون (٢): لا بعث ولا جنة ولا نار (٣).

٥٤ - {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}

يعني: الإيمان (٤) والتوبة والرجوع إلى الدنيا (٥).


= القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن معنى ذلك: وقالوا آمنا بالله، في حين لا ينفعهم، فقال الله {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} أي: وأين لهم التوبة والرجعة: أي: قد بعدت عنهم، فصاروا منها كموضع بعيد أن يتناولوها وإنما وصفت ذلك الموضع بالبعيد، لأنهم قالوا ذلك في القيامة، فقال الله: أني لهم بالتوبة المقبولة، والتوبة المقبولة إنما كانت في الدنيا، وقد ذهبت الدنيا فصارت بعيدًا من الآخرة، فبأية القراءتين اللتين ذكرت قرأ القارئ فمصيب.
(١) من (م).
(٢) سقطت من (م).
(٣) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ١١٢.
(٤) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ١١٢، عن الحسن. وفي رواية عن الحسن: حيل بينهم وبين ما يشتهون من مال أو ولد أو زهرة في الدنيا التي كانوا فيها، أو حيل بينهم وبين الحياة.
(٥) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ١١٢، عن مجاهد. قال: وإنما اخترنا القول =

<<  <  ج: ص:  >  >>