للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ} أي: أهل دينهم وموافقتهم من الأمم الماضية حين (١) لم يقبل منهم الإيمان والتوبة في وقت البأس {إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} (٢).


= الذي اخترناه في ذلك؛ لأن القوم إنما تمنوا حين عاينوا من عذاب الله ما عاينوا، ما أخبر الله عنهم أنَّهم تمنوه، وقالوا آمنا به، فقال الله: وأنى لهم تناوش ذلك من مكان بعيد، وقد كفروا من قبل ذلك في الدنيا. فإذا كان ذلك كذلك، فلأن يكون قوله: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} خبرا عن أنَّه لا سبيل لهم إلى ما تمنوه أولى من أن يكون خبرا عن غيره.
(١) في (م): حتَّى.
(٢) قوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} يقول تعالى ذكره: وحيل بين هؤلاء المشركين حين عاينوا بأس الله، وبين الإيمان: {إِنَّهُمْ كَانُوا} قبل في الدنيا {فِي شَكٍّ} من نزول العذاب الذي نزل بهم وعاينوه، وقد أخبرهم نبيهم أنَّهم إن لم ينيبوا مما هم عليه مقيمون من الكفر بالله، وعبادة الأوثان أن الله مهلكهم، ومحل بهم عقوبته في عاجل الدنيا، وآجل الآخرة قبل نزوله بهم {مُرِيبٍ} موجب لصاحبه الذي هو به ما يريبه من مكروه من قولهم: قد أراب الرَّجل: إذا أتى ريبة وركب فاحشة كما قال الراجز:
يَا قَوْمُ ما لي وأبا ذُؤَيْبِ؟
كُنْتُ إذا أتَوْتُهُ مِنْ غَيْبِ
يَشمّ عِطْفِي وَيبَزّ ثَوْبِيِ
كأنّمَا أرَبْتُهُ بِرَيْب
يقول: كأنما أتيت إليه ريبة.
انظر: "جامع البيان" للطبري ٢٢/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>