للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون عبدًا لله"، قالوا: بلى، فنزل {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ} (١) لن يأنف، ولن يتعظَّم، ولن يحتشم، وأصله الأنفة، والتجنُّب (٢)، وأصله من قولهم: نكفْت الدمع، إذا نحيته بأصبعك، قال الشاعر:

فبانوا فلولا ما تذكّر منهم ... من الخلف لم يُنْكَفْ لعينك مَدمعُ (٣)

{أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} وهم حملة العرش، لا يأنفون أن يكونوا عبيدًا لله، لأنَّ من الكفار من اتخذ الملائكة آلهة، فلذلك ذكرهم، ثم أوعدهم فقال: {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} المستكبر، والمقر.

١٧٣ - {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}

من التضعيف ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا} عن عبادته، {وَاسْتَكْبَرُوا} عن السجود له، {فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}.

ثم قال لك: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} (٤).


(١) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ١٩٠)، من رواية الكلبي.
(٢) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص ١١٠٩) (نكف).
(٣) ذكر البيت الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ١٣٦، ابن منظور في "لسان العرب" لابن منظور (نكف)، ولم أعثر على قائله.
(٤) البقرة: ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>