للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كان إدراكه بالاستنباط، فقد دل بذلك على أن من العلم ما يدرك بالتلاوة والرواية، وهو النص، ومنه ما يدرك بغيرهما، وهو المعنى، وحقيقة الأعتبار والاستنباط والقياس: الحكم بالمعاني المودعة في النصوص غير الحكم بالنصوص.

٨٤ - {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ}

وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما التقى هو وأبو سفيان بن حرب يوم أحد، وكان من أمرهم ما كان، ورجع أبو سفيان إلى مكة، وواعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موسم بدر الصغرى (١)، في ذي القعدة، فلما بلغ الميعاد، قال للناس: أخرجوا إلى العدو، وكرهوا ذلك كراهة شديدة، أو بعضهم، فأنزل الله تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} أي: لا تدع جهاد العدو والانتصار للمستضعفين من المؤمنين، ولو وحدك.

وقيل: معناه لا تلزم فعل غيرك، ولا تؤخذ به، ولم يرد بالتكليف


(١) وتسمى بدر الآخرة، وبدر الموعد، وكانت في شعبان من السنة الرابعة. هذا هو المشهور كما ذكره ابن إسحاق.
انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ٢٢١، "عيون الأثر" لابن سيد الناس ٢/ ٥٤.
وما ذكره المصنف هنا أنها في ذي القعدة لعله وهم.
وانظر: "الرحيق المختوم" للمباركفوري (ص ٣٥٢)، وقد ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ١٤٨ سبب النزول هذا، وكذا القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>