للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتهادًا في الطلب.

فقد استطاع الثعلبي استثمار الجو العلمي الذي عاش فيه استثمارًا قويًّا ناجحًا، عاد عليه بالنفع التام في حياته العلمية، وأثمر إثمارًا عظيمًا في بناء شخصيته العلمية. وإنَّ المتأمل لخطبة الإمام الثعلبي التي صدَّر بها تفسيره، ليدرك تمام الإدراك مدى قوة أبي إسحاق في تحصيله العلمي، ومدى جدّه واجتهاده.

ومما يدل علي ذلك الجد والاجتهاد، وتلك الهمة العالية ما يأتي:

أ- قوله رحمه الله: (وإنِّي منذ فارقت المهد إلي أن بلغتُ الأشد، اختلفتُ إلي طبقات الناس، واجتهدتُ في الاقتباس من هذا العلم الذي هو للدين الأساس، وللعلوم الشرعية الراس، ووصلتُ الظلام بالضياء، والصباح بالمساء، بعزمٍ أكيد، وجهد جهيد، حتى رزقني الله تعالى وله الحمد من ذلك ما عرفتُ به الحق من الباطل، والمفضول من الفاضل، والصحيح من السقيم، والحديث من القديم، والبدعة من السُّنَّة، والحجة من الشَّبْهة).

هكذا كانت همة أبي إسحاق، وجدُّه واجتهاده في طلب العلم، فأيّ همَّةٍ بعد هذِه، وأي اجتهادٍ بعد هذا!

ب- كثرة شيوخه، وتعدُّد مصادره:

ولا شك أنَّ ذلك لا يتأتَّى إلا لمن جدَّ واجتهد في الطلب، فأخذ يتردَّد على مجالس العلماء، ودروس العلم، ويسمع من هذا، ويقرأ على ذاك، في طلب مستمر، وعمل متواصل، لا يعرف الكلل، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>