ذكرنا في أول ترجمة المصنف، أن الإمام الثعلبي رحمة الله عليه لم يحظَ بترجمة وافية عند من ترجم له. فمصادر ترجمته ليس فيها شيء عن نشأته ولا عن طلبه للعلم.
ولكن من يطلع على تفسير الثعلبي، يجد بعض الدلالات التي تشير إلى أنَّه رحمه الله نشأ وترعرع في بيئة علم. ولا غرو في ذلك، فهو نيسابوري، عاش في نيسابور، موطن العلم والعلماء، ومركز الازدهار العلمي والثقافي، هذا من حيث العموم.
أما من حيث الخصوص، فإنَّ بيئة أبي إسحاق الخاصة، كانت هي الأخرى بيئة علم وعلماء.
ولا أدل على ذلك من أنَّ بيته رحمه الله كان روضةً من رياض العلم، يأتي إليه العلماء وطلاب العلم، وتعقد فيه الحلقات والدروس العلميَّة، كما سيأتي بيانه في المطلب الثاني.
وبما أن الثعلبي نشأ في بيئة علم، وعاش في كنف بيت يأتي إليه أساتذة العلم، وتنعقد فيه دروس العلماء، فإنَّ ذلك الأمر كان له أكبر الأثر على نشأة الثعلبي، وطلبه للعلم، بل جده واجتهاده في هذا الطلب، إذ إنَّ البيت الذي يأتي إليه العلماء سيكون حقلاً علمياً