[* المطلب الثالث: عصره من الناحية السياسية والدينية والاجتماعية والعلمية وتأثره بذلك]
الإنسان ابن بيئته وعصره، ولهذه البيئة، ولذاك العصر، آثار تنطبع عليه وتؤثر فيه. وفقاً لمدى قابليته للتفاعل مع بيئته، واستجابته للظروف البيئية التي تدخل في مكونات النشأة والسلوك، ثم تمتد جذورها في الأعماق النفسية، لتدخل في بناء الشخصية واتجاهاتها السلوكية والعملية.
فكل شخص يتأثر بمشايخه وأساتذته، ويتأثر بالبيئة التي تحيط به، ويعيش فيها. ويتأثر كذلك بالحالة السياسية، والاجتماعية، والعلمية، في بيئته وعصره.
وعند دراسة أي علم من الأعلام، يتأكَّد الوقوف على العصر الذي عاش فيه، وبم اتسم ذلك العصر من الناحية السياسية والاجتماعية، والعلمية، لنعلم مدى تأثر ذلك العلم بتلك الأحوال، وكيف كان تأثير ذلك كله فيه.
وهذا ما سنقوم به مع أبي إسحاق الثعلبي، من دراسة عصره سياسيًّا، واجتماعيًّا، وعلميًّا. لنخلُص بعد ذلك إلى أثر ذلك كله في الثعلبي رحمه الله.
[أولا: الحالة السياسية]
تبيَّن لنا أنَّ الثعلبي رحمه الله عاش ما بين الربع الأخير من القرن الرابع الهجري، إلى ما يقرب من نهاية العقد الثالث من القرن