للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقذفونهن بالزنا (١). {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا} على ما رموهن به {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} عدول، يشهدون عليهن أنهم رأوهن يفعلن ذلك.

{فَاجْلِدُوهُمْ} يعني: القاذفين اضربوا كل واحد منهم. {ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ثم استثنى فقال عز من قائل: ٥ - {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

واختلف العلماء في حكم هذا الاستثناء (٢): فقال قوم: هو استثناء من قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} وقالوا إذا تاب القاذف قبلت


(١) ولم تنص الآية على الزنا؛ لأنَّ فيما تقدم من ذكر الزانية والزاني دليلًا على أن المعنى ذلك.
انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٣٠.
(٢) أوجب الله على القاذف ثلاث عقوبات:
١ - جلده ثمانين جلدة.
٢ - عدم قبول شهادته.
٣ - الحكم عليه بأنه فاسق فإن تاب لم يسقط عنه الحد وزال عنه اسم الفسق. قال ابن قدامة في "المغني" ١٤/ ١٨٨: بلا خوف، أما قبول شهادته بعد توبته ففيها خلاف بين قبولها وعدمها، وسببه هو الاستثناء في قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} هل هو عامل في الفسق ورد الشهادة أم هو عامل في الفسق فقط.
ومدار الخلاف يرجع إلى خلاف في قاعدة أصولية وهي: أن الاستثناء إذا جاء بعد جمل متعاطفات فهل هو راجع إلى جميعها إلَّا لدليل من نقل أو عقل يخصصه ببعضها، وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
أم هو راجع إلى الجملة الأخيرة فقط وهذا مذهب الحنفية.
انظر: "الأحكام" للآمدي ٢/ ٣٠٠، "روضة الناظر" لابن قدامة ٢/ ١٨٥، "أضواء البيان" للشنقيطي ٦/ ٨٩، "الحدود والتعزيرات" لبكر أبو زيد (٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>