للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٦٣ - {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} الآية،

نزلت في اليهود وذلك لما أنزل الله تعالى قوله: {يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} ففضحهم الله (١)، وذكر عيوبهم وذنوبهم، غضبوا وقالوا: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}، وجحدوا كل ما أنزل الله تعالى، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} (٢)، وأنزل {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}.

{كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} جعله الله سبحانه ثاني المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في موضعين من كتابه، في أخذ الميثاق، قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (٣)، وفي الوحي فقال: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}.

فإن قيل: ما الحكمة في تقديم نوح على سائر الأنبياء، وفيهم من هو أفضل منه؟ يقال: لأنه كان أبا البشر، قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَتِهُ هُوُ الْبَاقِينَ (٧٧)} (٤)، وقيل: لأنه أول نبي من أنبياء الشريعة، وأول داع ونذير على الشرك.


(١) أخرج ذلك الطبري في "جامع البيان" ٦/ ٢٧ عن الربيع بن خثيم، وعن محمد بن كعب القرظي ٦/ ٢٨، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ١١١٨، عن ابن عباس، وابن المنذر، كما في "الدر المنثور" ٢/ ٤٣٥.
والمصنف رحمه الله روى القصة بالمعنى.
(٢) الأنعام: ٩١.
(٣) الأحزاب: ٧.
(٤) الصافات: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>