للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٤٧ - {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ}

نعماءه، {وَآمَنتُمْ} به، وفي الآية تقديم وتأخير، تقديرها: ما يفعل الله بعذابكم إن آمنتم وشكرتم، لأن الشكر لا ينفع مع عدم الإيمان (١).

نبه الله تعالى بفضله خلقه على أن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه، وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه، {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} للقليل من أعمالكم، {عَلِيمًا} بإضعافها لكم إلى عشر، إلى سبعمائة ضعف.

قال أهل اللغة: أصل الشكر إظهار النعمة والتحدث بها، قال الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (٢)، وذكر بعض أهل اللغة أن الشكر مأخوذ من قول العرب: ناقة شكور، إذا كان يظهر سمنها على القليل من العلف، فكأن الله سبحانه سمى نفسه شاكرًا لأنه يرضى من عباده القليل من العبادة، مع صحة التوحيد.

وقال بعض المعتزلة: إن الوصف لله تعالى بأنه شكور وشاكر على جهة المجاز، لأن الشكر في الحقيقة هو الاعتراف بنعمة المنعم، فلما كان القديم تعالى ذكره، مجازيًا للمطيعين على طاعتهم، سمى مجازاته إياهم عليها شكرًا على التوسع، وليس الحمد عنده هو الشكر، لأن الحمد ضد الذم، والشكر ضد الكفر (٣).


(١) انظر: "الوسيط" للواحدي ٢/ ١٣٤، "معالم التنزيل" للبغوي ٢/ ٣٠٣.
(٢) الضحى: ١١.
(٣) القول بأن صفة الشكر لله مجاز باطل؛ لأن المجاز عند أهل البلاغة مما يصح نفيه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>