للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠٦ - قوله - عز وجل: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} الآية.

وذلك أنَّ المشركين قالوا: ألا ترون إلى محمدٍ يأمر أصحابه بأمرٍ، ثمَّ ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولًا ويرجع عنه غدًا؟ ما هذا القرآن إلا كلام محمد تقوَّله (١) من تلقاء نفسه، وهو كلام يناقض بعضه بعضًا، فأنزل الله -عز وجل-: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} (٢)، وأنزل أيضًا: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ. .} بيَّن وجه الحكمة في النسخ بهذِه الآية (٣).

واعلم أنَّ النسخ في اللغة شيئان:

الوجه الأول: بمعنى التغيير والتحويل.

قال الفرَّاء: يقال مسخه الله قردًا، ونسخه قردًا. ومنه نَسْخُ الكتاب، وهو أن يحوَّل من كتابٍ إلى كتاب فيُنقَل ما فيه إليه. قال الله -عز وجل-: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٤) أي: نأمر الملائكة بنسخها (٥).


(١) في النسخ الأخرى: يقوله، والمثبت من (س).
(٢) النحل: ١٠١.
(٣) ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص ٣٧)، وفي "الوسيط" ١/ ١٨٧، والبغوي في "معالم التنزيل" ١/ ١٣٣، والخازن في "لباب التأويل" ١/ ٩٣، وابن حجر في "العجاب في بيان الأسباب" ١/ ٣٤٨، بمثل الذي ذكره المؤلف.
وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٢٧، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٢/ ٥٥، وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٥١١، وعند هؤلاء أن القائلين هم اليهود. وذكره الزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٧٥ دون تعيين القائلين.
(٤) الجاثية: ٢٩.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٤٨، "الناسخ والمنسوخ" للنحاس ١/ ٤٢٤، =

<<  <  ج: ص:  >  >>