للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} مجازه: يكون الإنفاق خيرًا لأنفسكم {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} فقر نفسه، وبخلها، ومنعها عن الحق (١) {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. قال ابن عمر: ليس الشح أن يمنع الرَّجل ماله، وإنما الشح أن تطمح عين الرَّجل إِلَى ما ليس له (٢).

١٧ - {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}

١٨ - {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)}.

* * *


= قال مكّيّ القيسي: وأكثر العلماء على أنَّه محكم لا نسخ فيه؛ لأن الأمر بتقوى الله لا ينسخ.
والآيتان ترجعان إِلَى معنى واحد؛ لأن معنى {حَقَّ تُقَاتِهِ}: اتقوه بغاية الطاقة. فهو قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} إذ لا جائز أن يكلف الله أحدًا ما لا يطيق، وتقوى الله بغاية الطاقة واجب فرض فلا يجوز نسخه؛ لأن في نسخه إجازة التقصير من الطاقة في التقوى، وهذا لا يجوز. اهـ بتصرف.
والحاصل: أنَّه لا نسخ، وأما قول من قال فيحمل على بيان المجمل فيكون مرادهم بالنسخ: أن آية {مَا اسْتَطَعْتُمْ} مبينة لما أجمل من قوله {حَقَّ تُقَاتِهِ} وأن من اتقى الله حسب استطاعته وجهده فقد اتقاه حق تقاته. والله أعلم.
(١) الشح: هو البخل مع حرص. وقد جعل بعض أهل اللغة الشح أشد من البخل، وفسره ابن عيينة بأنه الظلم لا البخل.
انظر "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٣/ ١٧٨، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب (ص ٤٤٦)، "تفسير مشكل القرآن" لمكي (ص ٣٤٦)، "عمدة الحفاظ" للسمين الحلبي ٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) أخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه كما في "الدر المنثور" للسيوطي ٦/ ٢٨٩، وذكره البَغَوِيّ في "معالم التنزيل" ٨/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>