للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} يعني البطن والرحم والمشيمة (١) {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} عن عبادته إلى عبادة غيره.

٧ - {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}

فإن قيل كيف قال: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} وقد كفروا! ! قلنا معناه: لا يرضى لعباده أن يكفروا به (٢) وهذا كما يقول: لست أحب الإساءة وإني لأحب أن يسيء فلان فيعاقب.

وقال ابن عباس والسدي: معناه: ولا يرضى لعباده المخلصين المؤمنين الكفر وهو الذين قال {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (٣) فيكون عامًا في اللفظ خاصًا في المعنى كقوله {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ


(١) بهذا قال الجمهور، وقال أبو عبيدة: إنها ظُلمة صُلْب الأب وظُلمة بطن المرأة وظُلمة الرّحم. والقول الأول أصح لأن الله يقول {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} فالظلمات الثلاث في بطون الأمهات لا في أصلاب الرجال. واختار هذا القول ابن جرير والنحاس وابن كثير والمصنف هنا وغيرهم انظر: "جامع البيان" للطبري ٢٣/ ١٩٦، "معاني القرآن" للنحاس ٦/ ١٤٥، "النكت والعيون" للماوردي ٥/ ١١٥، "زاد المسير" لابن الجوزي ٧/ ١٦٣، "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١٢/ ١١٤، "الدر الممثور" للسيوطي ٥/ ٦٠٣ - ٦٠٤، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ١٨٨.
(٢) أقول: على هذا التفسير يكون الرضا بمعنى الإرادة الشرعية لا الكونية، والفرق بينهما أن الإرادة الشرعية قد تكون وقد لا تكون بعكس الإرادة الكونية فإنها لا تتخلف أبدًا.
وانظر للاستزادة "مجموع الفتاوى" لابن تيمية ٨/ ١٧٧ - ١٧٨، ١٨/ ١٣٢، "شفاء العليل" لابن القيم ٢/ ٢٨٧.
(٣) الحجر: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>