إنَّ ثناءَ العلماء على كتابٍ ما ومدحهم له، يُعدُّ دليلًا واضحًا ومعلمًا ظاهرًا على أهمية هذا الكتاب وقيمته العلمية؛ لأنَّ أولئك الأعلام لم يكونوا يجاملون في ثنائهم ومدحهم، ولم يكونوا يجاوزون الحدَّ في ذلك الثناء. فهم إذا أثنوا على شيء، إنما يثنون عليه، ويمدحونه مدح العارف به، فيكون ثناؤهم ومدحهم مؤشراً قويًّا على قيمة ومكانة الممدوح.
ومن هذا القبيل الثناء الذي أثنى به الإمام أبو الحسن الواحدي التلميذ المشهور للإمام الثعلبي، على تفسير "الكشف والبيان".
فقد لازم الواحدي شيخه، ودرس عليه تفسيره، وعكف على هذا التفسير، حتى إذا عرف هذا التفسير حق المعرفة، أثنى عليه ثناء العارف به فقال في معرض كلامه عن شيخه الثعلبي:
وله التفسير المُلقَّب بـ "الكشف والبيان عن تفسير القرآن" الذي رُفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهبت هبوب الريح في القطار:
وسارَ مَسيرَ الشِّمس في كلِّ بلْدَةٍ. . . وهَبَّ هُبوبَ الرِّيح في البرِّ والبحرِ
وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقرُّوا له بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله (١).