للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم، وقد بين في معنى هذه الآية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "هذا شققت عن قلبه" (١) فثبت أن الإيمان هو الإقرار وغيره (٢)، وأن حقيقته التصديق بالقلب، ولكن ليس للعبد حكم إلا على ما سمعه منه فقط.

وفي هذه الآية رد على أهل القدر، وهو أن الله -سبحانه وتعالى- أخبر أنه منَّ على المؤمنين من بين جميع الخلق بأن خصهم بالتوفيق، فصاروا مخصوصين بالإيمان؛ لأن الله تعالى لو خلق الخلق كلهم للإيمان -كما زعمت القدرية- فما معنى اختصاصهم بالمنة من بين الخلق كلهم؟ وما الفصل بينهم وبين من قال: إن المنة لهم في الإيمان بالله، إذ كانوا مساوين لغيرهم في جميع المعاني، فأقروا, ولم يعاندوا كما عاند غيرهم مع مساواتهم لهم في جميع المعاني.

٩٥ - قوله: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية.

قال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: لما ذكر الله تعالى فضيلة المجاهدين على القاعدين، ورغبهم في الجهاد أتاه عبد الله ابن أم مكتوم (٣)،


(١) قطعة من حديث أسامة الذي سبق الحكم على الإسناد.
(٢) أي: مع الإقرار باللسان التصديق بالقلب، والعمل بالجوارح، فكل هذه الثلاثة أركان لازمة، لا يتم الإيمان بدونها.
(٣) القرشي، العامري، مؤذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هاجر بعد بدر، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجله، ويستخلفه على المدينة، فيصلي ببقايا الناس، شهد القادسية، ثم رجع إلى المدينة وتوفي بها سنة (١١٥ هـ).
انظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم ٢/ ٤، "سير أعلام النبلاء" للذهبي ١/ ٣٦٠، "شذرات الذهب" لابن العماد الحنبلي ١/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>