للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العطاء (١).

{فَأَعْرَضُوا} (٢) قال وهب: بعث الله إِلَى سبأ ثلاثة عشر نبيًّا فدعوهم إِلَى الله تعالى وذكروهم (٣) نعمه عليهم، وأنذروهم عقابه، فكذبوهم وقالوا: ما نعرف لله علينا نعمة، فقولوا لربكم الذي تزعمون فليحبس هذِه النعمة عنا إن استطاع، فذلك قوله -عز وجل-:


(١) قوم أعطاهم الله النعمة، وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته، ووعدهم بمغفرته إن استمروا على توحيده، فجمع لهم بين مغفرة الذنوب، وطيب بلدهم، ولم يجمع ذلك لجميع خلقه.
(٢) قيل: أعرضوا عن أمر الله واتباع رسله بعد أن كانوا مسلمين، وقيل: أعرضوا عن توحيد الله وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إِلَى عبادة الشَّمس من دون الله كما قال الهدهد لسليمان: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤)}. فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم هذا مع ما أنعم الله تعالى به عليهم من النعم والآيات البينات، ومن هاهنا تتبين فضيلة أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم على سائر النَّاس في صبرهم وثباتهم، وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته في القيظ والحر الشديد والجهد لم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر مع أن ذلك كان سهلًا على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، لكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم، فجمعوا ما معهم فجاء قدر مبرك الشاة، فدعا الله فيه وأمرهم فملؤوا كل وعاء معهم، وكذا لما احتاجوا إِلَى الماء سأل الله تعالى فجاءتهم سحابة فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملؤوا أسقيتهم، ثم نظروا فإذا هي لم تجاوز العسكر. فهذا هو الأكمل في اتباع الشيء مع قدر الله مع متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٣/ ٨٣٤.
(٣) من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>