للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال له من غير شك، وقد أيقن أن حبهم رشد.

وقال بعضهم: (أو) بمعنى الواو، يعني إنَّا لعلى هدى وإنكم (إياكم في) (١) ضلال مبين (٢)، كقول جرير:

أثعلبة الفوارس أو رياحا ... عدلت بهم طُهية والخشابا (٣)


= أم عوف منهم، فكانوا يؤذونه ويسبونه وينالون من علي بن أبي طالب بحضرته ليغيظوه، ويرمونه بالليل، فقال في ذلك أبياتا يهجوهم، ويمدح عليًا وآل بيته، فقال له بنو قشير: شككت يَا أَبا الأسود في صاحبك حيث تقول: فإن يك حبهم رشدا أصبه .. فقال: أما سمعتم قول الله عز وجل: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}، أفترى الله عز وجل شك في نبيه؟ ! .
وقد روي أن معاوية قال هذِه المقالة فأجابه هذا الجواب.
وقال الفراء في "معاني القرآن" (٢٦٣ - ٢٦٤): في تفسير هذِه الآية قال المفسرون: معناه: وإنا لعلى هدى، وأنتم في ضلال مبين، معنى (أو) معنى الواو عندهم، وكذلك هو في المعنى، غير أن العرب على غير ذلك، لا تكون (أو) بمنزلة الواو، ولكنها تكون في الأمر المفوض (واو الإباحة) كما تقول: إن شئت خذ درهمًا أو اثنين، فله أن يأخذ واحدًا أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثة، في قول من لا يبصر العربية، ويجعل (أو) بمنزلة الواو، ويجوز له أن يأخذ ثلاثة في قولهم بمنزلة قولك: خذ درهمًا واثنين، فالمعنى في قوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ} إنَّا لضالون أو مهتدون، وإنكم أَيضًا لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رسوله المهتدي، وأن غيره الضالون.
انظر: "تاريخ دمشق" لابن عساكر ٢٥/ ١٨٨ - ١٨٩.
(١) في (م): وإياكم لفي.
(٢) وهو قول عكرمة، وزياد، رواه الطبري ٢٢/ ٩٤.
(٣) البيت لجرير كما ذكر المصنف رحمه الله، وهو من شواهد سيبويه "الكتاب" =

<<  <  ج: ص:  >  >>