للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: مكركم بنا فيهما كما يقال عزم الأمر، وفلان نهاره صائم وليله قائم، وقال الشَّاعر:

ونمت وما ليل المطي بنائم (١)

وقيل: مكر الليل والنهار بهم طول السلامة فيهما كقوله {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} (٢) ونحوه.


= مسألة: وقريب من هذا من يقتدي بآراء الرجال المخالفة لما في كتاب الله سبحانه، ولما في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويؤثرها على ما فيهما، فإنَّه قد استجاب للباطل الذي لم تقم عليه حجة ولا دل عليه برهان، وترك الحجة والبرهان خلف ظهره كما يفعله كثير من المقتدين بالرجال المتنكبين طريق الحق بسوء اختيارهم.
مسألة: الذي يظهر والله أعلم أن هذا التخاصم في أرض المحشر، أما تخاصمهم في النَّار فهو الوارد في سورة الأعراف.
(١) هذا عجز بيت لجرير، وصدره:
لقد لمتنا يَا أم غيلان في السرى
"ديوانه" ط الصاري (ص ٥٥٤).
واستشهد به المصنف رحمه الله على أنك تقول: يَا فلان نهارك صائم وليلك قائم، فتسند الصيام والقيام إِلَى النهار والليل إسنادًا مجازيا عقليا، والأصل فيه أن يسند الصيام والقيام للرجل لا للزمان، وذلك من باب التوسيع المجازي، فالعلاقة هنا الزمانية والقرينة عقلية، وذلك نظير قوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، أصله: بل مكركم بنا في الليل والنهار، ثم أسند الفعل إليهما.
قال الفراء في "معاني القرآن" (ص ٢٦٤): وقوله: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} المكر ليس لليل ولا للنهار، وإنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار. وقد يجوز أن تضيف الفعل على الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين، لأن العرب تقول: نهارك صائم، وليلك قائم، ثم تضيف الفعل إِلَى الليل والنهار، وهو في المعنى للآدميين، كما تقول: نام ليلك.
(٢) الحديد: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>