(٢) قوله: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} فإنَّه تقرّبهم أموالهم وأولادهم بطاعتهم الله في ذلك وأدائهم فيه حقه إِلَى الله زلفى دون أهل الكفر بالله. قال ابن زيد، في قول الله: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} قال: لم تضرهم أموالهم ولا أولادهم في الدنيا للمؤمنين، وقرأ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} فالحسنى: الجنة، والزيادة: ما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به، كما حاسب الآخرين، فمن حملها على هذا التأويل نصب بوقوع تقرب عليه، وقد يحتمل أن يكون (من) في موضع رفع، فيكون كأنه قيل: وما هو إلَّا من آمن وعمل صالحًا. قال سعيد بن جبير: المعنى إلَّا من آمن وعمل صالحًا فلن يضره ماله وولده في الدنيا. وروى ليث عن طاووس أنَّه كان يقول: اللهم ارزقني الإيمان والعمل، وجنبني المال والولد، فإنِّي سمعت فيما أوحيت {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}. قلت: قول طاوس فيه نظر، والمعنى والله أعلم: جنبني المال والولد المطغيين أو اللذين لا خير فيهما؛ فأما المال الصالح والولد الصالح للرجل الصالح فنعم وهذا في آل عمران ومريم على لسان زكريا عليه السلام. انظر: "جامع البيان" للطبري ٢٢/ ١٠٠ - ١٠١، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٣٠٥. (٣) من (م). (٤) فائدة: وبهذه الآية استدل من فضل الغنى على الفقر. وقال محمَّد بن كعب: إن المؤمن إذا كان غنيًا تقيًا آتاه الله أجره مرتين بهذِه الآية. =