سبحان خالق النور، إلهي قرح الجبين وفنيت الدموع وتناثر الدود من ركبتي وخطيئتي ألزم بي من جلدي، سبحان خالق النور. فأتاه نداء: يا داود، أجائع أنت فتطعم، أظمآن أنت فتسقى، أمظلوم أنت فتنصر. ولم يُجبه في ذكر خطيئته بشيء، فصاح صيحة هاج من حوله، ثم نادى: يا رب، الذنبَ الذنب الذي أصبته فنُودي يا داود، ارفع رأسك فقد غفرت. فلم يرفع رأسه حتى جاء جبريل عليه السلام فرفعه.
وقال وهب: إن داود عليه السلام أتاه نداء أني قد غفرتُ لك، قال: يا رب، كيف وأنت لا تظلم أحدًا؟ ! قال: اذهب إلى قبر أوريا فناده وأنا أُسْمعه نداءك فتحلل منه. قال: فانطلق حتى أتى قبره وقد لبس المُسُوح (١) حتى جلس عند قبره ثم نادى أوريا فقال لبيك من هذا الذي قطع عليّ لذّتي وأيقظني؟ قال: أنا داود قال: ما جاء بك يا نبي الله؟ قال: أسألك أن تجعلني في حِلٍّ مما كان منّي إليك قال: وما كان منك إليَّ، قال: عرَّضتك للقتل، قال: عرضتني للجنة فأنت في حِلّ فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود ألم تعلم أني حكم عدل لا أقضي بالتعنّت والتغرير، ألا أعلمته أنك قد تزوجت امرأته، قال: فرجع إليه فناداه فأجابه فقال من هذا الذي قطع عليّ لذتي، قال: أنا داود، قال: يا نبي الله أليس قد عفوتُ عنك، قال: نعم، ولكن إنما فعلت ذلك لمكان امرأتك وتزوجتها. قال: فسكت فلم
(١) المُسُوح: لباس الرهبان. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب" للجواليقي ٢/ ٢٦.