للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تريد منَّا نحن نكفيكم أنفسنا. فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أُسطوانة ثم ارفعونا إليها (١) وأعطونا شيئًا نرفع به طعامنا، وشرابنا، ولا نرد عليكم، وقالت طائفة: دعونا نهيم في الأرض ونسيح ونشرب كما يشرب الوحوش في البرية، فإن قدرتم علينا بأرض فاقتلونا، وقالت طائفة: ابنوا لنا دُورًا في الفيافي (٢) ونحتفر الآبار ونحترث البقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم فلا تروننا، وليس أحذ من أولئك إلا وله حميم منهم، ففعلوا ذلك بهم، فمضى أولئك على منهاج عيسى عليه السلام، وخلف قوم من بعدهم ممن قد غيَّر الكتاب، فجعلوا يقولون: نكون في مكان كذا فنتعبد كما يتعبد أولئك ونسيح كما يسيح فلان ونتخذ دورًا كما اتَّخذ فلان، وهم على شركهم لا إيمان لهم بإيمان من تقدَّم من الذين اقتدوا بهم، فذلك قوله -عز وجل-: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} الآية يعني: ابتدعها هؤلاء الصالحون {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} يعني: المتأخرين {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} يعني: ابتدعوها أولًا {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} الذين جاؤوا من بعدهم، قال: فلما بعث الله -عز وجل- محمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- ولم يبق منهم إلا قليل جاؤوا من الكهوف والصَّوامع والغيران فآمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدقوه (٣). فذلك قوله -عز وجل-:


(١) في الأصل: إليه. والتصويب من (م).
(٢) زاد هنا في الأصل: (وكرر الأبواب). ولم أجدها عند غير المصنف!
(٣) [٣٠٥٠ - ٣٠٥١] الحكم على الإسناد:
الإسناد الأول: فيه شيخ المصنف لم يذكر بجرحٍ أو تعديل. =

<<  <  ج: ص:  >  >>