للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذِه الآية منسوخة بآية السيف (١).

وقرأ أهل المدينة وعيسى بن عمر: {وَلِيَ دِينِ} بفتح الياء، ومثله روى حفص عن عاصم عن أهل الشام، غيرهم بجزمه، وأبو حاتم يُخيِّر (٢).

* * *


(١) انظر: "الناسخ والمنسوخ" لهبة الله بن سلامة المقرئ (ص ١٦١)، "نواسخ القرآن" لابن الجوزي (ص ٤٧٠)، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٣٧١، "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٥٦٤، "زاد المسير" لابن الجوزي ٩/ ٢٥٤، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ٢٠/ ٢٢٩.
قلت: هذِه الآية لا تعارض بينها وبين آية السيف، فلا مجال للقول فيها بالنسخ؛ لأن الجمع بينهما ممكن، ولا يصار إلى القول بالنسخ إلَّا بعد تعذر الجمع بين الآيتين. ومعنى الآية كما قال الطبري: {لَكُمْ دِينُكُمْ} فلا تتركونه أبدًا لأنه قد ختم عليكم وقضى أن لا تنفكوا عنه، وأنكم تموتون عليه، {وَلِيَ دِينِ} الذي أنا عليه لا أتركه أبدًا؛ لأنه قد مضى في سابق علم الله أني لا أنتقل عنه إلى غيره. وقال ابن القيم في "بدائع الفوائد" ١/ ١٢٧: وقد غلط في هذِه السورة خلائق وظنوها منسوخة بآية السيف لاعتقادهم أن هذِه الآية اقتضت التقرير لهم على دينهم. وظن آخرون أنها مخصوصة بمن يقرون على دينهم وهم أهل الكتاب. وكلا القولين غلط محض؛ فلا نسخ في السورة ولا تخصيص بل هي محكمة وعمومها نصٌّ محفوظ، وهي من السور التي يستحيل دخول النسخ في مضمونها، فإن أحكام التوحيد الذي اتفقت عليه دعوة الرسل يستحيل دخول النسخ فيه، وهذِه السورة أخلصت التوحيد .. ثم طال في تقرير ذلك. وقد ردَّ السيوطي في "الإتقان" ٤/ ١٤٥٢ على القائلين بالنسخ وقرر أنها محكمة.
(٢) انظر: "علل القراءات" للأزهري ٢/ ٨٠٣، "المبسوط في القراءات العشر" لابن مهران الأصبهاني (ص ٤١٩)، "التيسير" للداني (ص ١٨٣)، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ٢٠/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>