مثال ذلك: عند مسألة قراءة الفاتحة في الصلاة ذكر أن الذين أجازوا الصلاة بغير الفاتحة استدلوا بحديث المسيء صلاته حيث قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع" الحديث.
قال الثعلبي رادّا عليهم استدلالهم على ما ذهبوا إليه: وهذِه اللفظة (أي قوله عليه الصلاة والسلام: "ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن") يحتمل أنَّه أراد كل ما يقع عليه اسم قرآن، ويحتمل أنَّه أراد سورةً بعينها، فلما احتمل الوجهين نظرنا فوجدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بفاتحة الكتاب، وأمر بها، وأبطل صلاة من تركها، فصار هذا الخبر مجملًا، والأخبار التي رويناها مفسَّرة، والمُجمل يحمل على المفسر. . .
وبعد: فعرض الثعلبي للمسائل الفقهية، وذكره الأقوال فيها، والأدلة، ثم ذكره أدلة المخالفين، وردوده عليهم، ونقده لأدلتهم، وتوجيهها، في كل ذلك تظهر لنا شخصية الثعلبي الفقهية، ومكانته المرموقة في هذا العلم.