قال الثعلبي: القول في معنى الآيتين ونظمهما وحكمهما، وبالله التوفيق: قوله -عز وجل- {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} أي: كأصحاب صيِّب، كقوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} شبههم الله تعالى في كفرهم ونفاقهم وترددهم وتحيرهم بقومٍ كانوا في مفازة، في ليلة مظلمة، فأصابهم مطر فيه {ظُلُمَاتٍ}، من صفتها أنَّ الساري لا يمكنه المشي من ظلمته، فذلك قوله:{وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} و {وَرَعْدٌ} من صفته أن يُصِمَّ السامعون آذانهم من الهول والفرق، مخافة الموت والصعق، وذلك قوله {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ}{وَبَرْقٌ} من صفته أن يقرب من أن يخطف أبصارهم، ويذهب بضوئها ويعميها، من كثرته وشدة توقده، وذلك قوله -عز وجل-: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} وهذا مثل ضربه الله -عز وجل- للقرآن وصُنع المنافقين والكافرين معه، فالمطر هو القرآن لأنه حياة الجنان، كما أن المطر حياة الأبدان {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} وهي ما في القرآن من ذكر الكفر والشرك والشك وبيان الفتن والمحن، {وَرَعْدٌ} وهو ما خوّفوا به من الوعيد، وذكر النار والزواجر والنواهي، {وَبَرْقٌ} وهو ما في القرآن من الشفاء والهدى والبيان والنور والوعد وذكر الجنّة. فكما أن