للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملائكة، أكان ذلك شكًّا في وحيه؟ أم إنكارًا لقدرته؟ وهذا (١) لا يجوز أن يوصف به أهل الإيمان، فكيف الأنبياء عليهم السلام؟ ! قيل: الجواب عنه ما قال عكرمة والسدي: أن زكريا لما سمع نداء الملائكة، جاءه الشيطان، فقال: يا زكريا، إن هذا الصوت الذي سمعت ليس من الله تعالى، إنما هو من الشيطان؛ ليسخر بك، ولو كان من الله، لأوحاه إليك خفيًّا، كما ناديته خفيًّا، وكما يوحي إليك في سائر الأمور (٢). فقال ذلك؛ دفعًا (٣) للوسوسة (٤).

والجواب الثاني: أنه لم يشك في الولد، وإنما شك في كيفيته، والوجه الذي يكون منه الولد، فقال: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} أي (٥):


(١) في الأصل: وهل، والمثبت من (س)، (ن).
(٢) أخرج الطبري في "جامع البيان" ٣/ ٢٥٨ عن عكرمة بنحوه، وفي ٣/ ٢٥٧ - ٢٥٨، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٢/ ٦٤٤ - ٦٤٥ عن السدي بنحوه.
(٣) في الأصل: وفقًا، والمثبت من (س).
(٤) استنكر أهل العلم هذا الوجه، لأنه لا يجوز أن يشتبه كلام الملائكة بكلام الشيطان عند الوحي على الأنبياء عليهم السلام، إذ لو جوزنا ذلك؛ لارتفع الوثوق عن كل الشراع، وعليه: فاشتباه الأمر على زكريا عليه السلام في غاية البعد، وفي هذا يقول الطوسيّ في "التبيان" ٢/ ٤٥٣: وهذا لا يجوز، لأن النداء كان على وجه الإعجاز على عادة المَلَك فيما يأتي به من الوحي عن الله، والأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم تلاعب الشيطان بهم، حتى يختلط عليهم طريق الإفهام، فلا يعرفوا نداء مَلَك من نداء شيطان أو إنسان.
وانظر: "غرائب التفسير" للنيسابوري ٢/ ١٨٤، "الكشاف" للزمخشري ١/ ٣٦٠، "اللباب" لابن عادل الدمشقي ٥/ ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٥) من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>