للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ} أي: فرض {عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ} يعني: مشركي مكة {كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} أي: أكبر خشية، ويقال: معناه: وأشد خشية، كقوله تعالى: {مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (١)، {وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} أي: لم فرضت علينا الجهاد {لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} يعني: الموت -أي: هلا تركتنا حتى أن نموت بآجالنا.

واختلفوا في نزول قوله تعالى: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ}:

فقال بعضهم: نزلت في المنافقين؛ لأن قوله: {لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} لا يليق بالمؤمنين وكذلك الخشية من غير الله.

وقال بعضهم: بل نزلت في قوم من المؤمنين، لم يكونوا راسخين في العلم، وأهل الإيمان يتفاضلون في الإيمان، فمنهم الكامل الذي يخرجه إيمانه عن غلبة الطبع عليه، ومنهم من ينقص عن تلك الحالة، فتنفر نفسه عما يؤمر به فيما يلحقه فيه الشدة، والله أعلم.

وقيل: نزلت في قوم كانوا مؤمنين، فلما فرض عليهم القتال والجهاد نافقوا من الجبن، وتخلفوا عن الجهاد (٢).


= والبيهقي في "السنن الكبرى" ٩/ ١١، والنسائي في "تفسيره" ١/ ٣٩٣ (١٣٢)، وفي "المجتبى" كتاب الجهاد، باب وجوب الجهاد ٦/ ٢ - ٣، والواحدي في "أسباب النزول" (ص ١٧٠).
(١) الصافات: ١٤٧.
(٢) ذكر هذه الأقوال: ابن الجوزي في "زاد المسير" ٢/ ١٣٤، والبغوي ٢/ ٢٥١، وهناك قول رابع لمجاهد رحمه الله: أنها نزلت في اليهود، انظر: "تفسير الطبري" ٥/ ١٧١، وابن أبي حاتم ٣/ ١٠٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>