للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا} أى: أشد صولةً، وأعظم سلطانًا، وأقدر على ما يريد {وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} أي: عقوبة.

فإن قيل: إذا كان من قولكم أن عسى من الله واجب، وقد قال {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ونحن نراهم في بأس وشدة، فأين ذلك الوعد؟

يقال لهم: قد قيل: إن المراد منه الفكرة، الذين كف بأسهم ببدر الصغرى، وبالحديبية (١)، لقوله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} الآية (٢) وإن كان ظاهر العموم فالمراد منها الخصوص.

وقيل: أراد به المدة التي أمر الله فيها بالقتال ليزول الكفر بقولة: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (٣) فعند ذلك يكف الله بأس الذين كفروا وهو الوقت الذي ينزل فيه عيسى -عليه السلام-، فيكون حكمًا مقسطًا، ويظهر الإسلام على الدين كله.


وانظر: "شرح المفصل" لابن يعيش ٧/ ١٢٠، "خزانة الأدب" للبغدادي ٤/ ٧٦ والبيت في "ديوانه" (ص ٢٦١).
(١) موضع قريب من مكة على طريق المدينة، بعضه في الحل، وبعضه في الحرم، وسميت بالحديبية؛ بشجرة كانت هناك، أو ببئر عند المسجد الذي بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة عنده.
انظر: "معجم البلدان" لياقوت ٢/ ٢٢٩، وهذه المنطقة تسمى اليوم بالشميسي وتبعد عن مكة حوالي ٢٢ كيلا، انظر: "معجم المعالم الجغرافية" لعاتق البلادي (ص ٩٤).
(٢) الفتح: ٢٤.
(٣) الأنفال: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>