للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (١)، والمعنى: إلا أن آمنوا، ومثله كثير، والله أعلم.

وقد قيل في تأويل هذه الآية: إن هذا الوعيد لمن قتل مؤمناً متعمداً مستحلاً لقتله، وأما قول من زعم أنه لا توبة له فإنه خارج عن الكتاب والسنة، وذلك أن الله تعالى عم الذنوب جميعاً، وأمر بالتوبة منها، فقال -عز وجل-: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} (٢)، ونحوها من الآيات، ولم يفصل بين ذنب وذنب، فإذا كان الله تعالى قابلاً للتوبة من الكفر، فقبول التوبة من القتل أولى، وقال (٣) الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} (٤)، وقال إخوة يوسف: {اقْتُلُوا يُوسُفَ} ثم قال: {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} (٥) يعنون: بالتوبة.

وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أمن كل ذنب تقبل التوبة؟ قال: "نعم" (٦).

فإن قيل: فما تقولون في الأخبار التي وردت (٧) أن القاتل لا توبة


(١) البروج: ٨.
(٢) النور: ٣١.
(٣) في (ت): وقد قال.
(٤) الفرقان: ٦٨ - ٧٠.
(٥) يوسف: ٩.
(٦) الحديث لم أجده بهذا السياق، لكن ثبتت أحاديث في بيان سعة رحمة الله وأنه يغفر الذنوب، منها حديث أبي ذر المشهور في "صحيح مسلم" في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم (٢٥٧٧) وغيره، وفيه قوله: "فاستغفروني أغفر لكم"، وغير ذلك، ويدلس على هذا الأصل قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣]
(٧) في (ت)، (م): رويت.

<<  <  ج: ص:  >  >>