للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: عيسى هو الله، وقالت النسطورية: هو ابن الله (١)، وقالت المرقوسية: هو ثالث ثلاثة، فأنزل الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}، يعني: أهل الإنجيل، وهم النصارى، {لَا تَغْلُوأْ} لا تشددوا {فِي دِينِكُمْ} فتفتروا على الله، وأصل الغلو: مجاوزة الحد في كل شيء، يقال: غلا بالجارية لحمها، وعظمها، إذا أسرعت الشباب، فجاوزت لداتها، يغلو بها، غلوًا، وغلاء، قال الحارث بن خالد المخزومي:

خُمْصانة قلق مُوشَّحُها ... رُؤدُ الشباب كلا بها عظمُ (٢)

{وَلَا تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} لا تقولوا: إن له شريكًا وابنًا، ثم بين حال عيسى وصفته، فقال: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ} هو الممسوح المطهر من


(١) هذا كان من أول أمرهم، ثم أقروا بالتثليث، واتحاد اللاهوت في الناسوت، كما مر سابقًا.
وانظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص ١٨٩).
(٢) من قوله: وأصل الغلو، إلى هنا نص كلام الطبري في "جامع البيان" ٦/ ٣٤.
وانظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصبهاني (غلا).
وقائل البيت شاعر قرشي، اشتهر بالغزل، فقد كان يهوى عائشة بنت طلحة، ويشبب بها، تولى إمرة مكة ليزيد بن معاوية، توفي بمكة سنة (٨٠ هـ) تقريبًا.
انظر: "الأعلام" للزركلي ٢/ ١٥٤.
والبيت في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ١٤٣، "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني ٩/ ٢٢٦، "لسان العرب" لابن منظور (غلا).
وقوله: رؤد الشباب، أي: شابة حسنة، ترفل في ثوب الصحة والنعمة.
والغالية نوع من أنواع الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>