للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: لأن الحواريين لم يكونوا شاكين في قدرة الله.

وقرأ الباقون {يَسْتَطِيعُ} بالياء {رَبُّكَ} برفع الباء (١)، وقالوا: إنهم لم يشكوا في قدرة الله، وإنما معناه: هل ينزل أم لا؟ كما يقول الرجل لصاحبه: هل تستطيع أن تنهض معي؟ وهو يعلم أنه مستطيع، وإنما يريد: هل تفعل ذلك أم لا؟ (٢).

وأجراه بعضهم على الظاهر، فقالوا: غلط القوم وكانوا بشرًا، فقال لهم عيسى عند الغلط، استعظامًا لقولهم {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ}: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أي: أن تشكوا في قدرة الله، أو تنسبوه إلى عجز أو نقصان (٣).


(١) الكسائي وحده هو الذي قرأ بالباء ونصب {رَبُّكَ}، وبقية العشرة بالياء ورفع {رَبُّكَ}.
انظر: "المبسوط في القراءات العشر" لابن مهران (ص ١٦٥)، "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري ٢/ ٢٥٦.
وانظر: في توجيه القراءتين: "حجة القراءات" لابن زنجلة (ص ٢٤٠ - ٢٤١)، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ١/ ٤٤٢.
(٢) هذِه عبارة الطبري في "جامع البيان" ٧/ ١٢٩.
ويدل على هذا قولهم بعد ذلك: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} مما يدل على أن قلوبهم ما زالت غير موقنة بقدرة الله تعالى.
(٣) قال الطبري في "جامع البيان" ٧/ ١٣٠: ... فلا بيان أبين من هذا الكلام في أن القوم كانوا قد خالط قلوبهم مرض وشك في دينهم وتصديق رسولهم، وأنهم سألوا ما سألوا من ذلك اختبارًا.
ثم أخرج قول ابن عباس، والسدي، تأكيدًا أن في قلوبهم شكا وريبا، وهو متجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>