للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله -عز وجل-: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} واستقراره سكونه وثباته.

قال المتكلّمون من أهل السنة (١): لما علق الله سبحانه الرؤية باستقرار الجبل دلّ على جواز الرؤية؛ لأن استقراره غير محال، (فدلّ على أن ما علق عليه من كون الرؤية غير محال أيضًا) (٢)، ألا ترى أن دخول الكفار الجنّة لما كان مستحيلا علقه بشيء مستحيل، وهو قوله تعالى (٣): {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (٤) (٥).

وقال أهل الحكمة والإشارة (٦): إن الكليم -عليه السلام- لما أراد الخروج إلى الميقات، جعل بين قومه وبين ربه واسطة، بقوله لأخيه هارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} (٧) فلما سأل الله الرؤية جعل الله بينه وبينها واسطة، وهو الجبل بقوله: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} فقال:


(١) يعني بهم الأشاعرة وهو قول أهل السنة عموما. انظر: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (ص ١٩٤)، "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز (ص ٢٠٨).
(٢) من (ت).
(٣) من (س).
(٤) الأعراف: ٤٠
(٥) ذكره أبو الحسن الأشعري في "الإبانة عن أصول الديانة" (ص ٢٣) مختصرا، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ١٩٦.
(٦) أي: المتصوفة أصحاب التفسير الإشاري: وهو تأويل القرآن بغير ظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوف.
انظر: "مناهل العرفان" للزرقاني ٢/ ٧٨.
(٧) الأعراف: ١٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>