للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولك: أمنِتُ من كذا أمنًا وأمْنة وأمَنَة وأمانا كلّها بمعنى واحد، فلذلك نُصِب (منه) قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: النعاس في القتال أَمَنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان (١).

{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} وذلك أن المسلمين نزلوا على كثيب أعفر ببدر تسوخ (٢) فيه الأقدام وحوافر الدواب، وسبقهم المشركون إلى ماء ببدر العظمى وغلبوهم عليه، وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم مجنبين، وأصابهم الظمأ ووسوس إليهم الشيطان، فقال: تزعمون أن فيكم نبي الله، وأنّكم أولياء الله، وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تُصلّون مجنبين ومحدثين فكيف ترجون أن تظهروا عليهم، قال: فأرسل الله عز وجل مطرًا سأل منه الوادي، فشرب المسلمون، واغتسلوا وتوضّؤوا، وسقوا الرِّكَاب وملؤوا الأسقية، وأطفأ الغبار ولبّد الأرض، حتّى تثبت عليه الأقدامِ، وزالت وسوسة الشيطان وطابت أنفسهم (٣)، فذلك قوله: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}.


= وهي قراءة شاذة. انظر: "المحتسب في تبيين وجوه القراءات" لابن جني ١/ ٢٧٣.
(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ١٩٣ عنه.
(٢) تَسُوخ الأَقدام في الأَرض وتَسيخ تدخل فيها وتَغِيبُ.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٩/ ١٩٥ (سوخ).
(٣) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٣/ ٤٢٣ عن ابن عباس رضي الله عنهما بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>