ومن الأدلة على هذا القول ما يلي: ١ - حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسِّمًا، فقلنا: ما أضحكك يَا رسول الله؟ قال: "أنزلت علي آنفًا سورة". فقرأ: " {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١)} ". رواه مسلم كتاب الصلاة، باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة (٤٠٠). فالبسملة رغم أنها أنزلت مع هذِه السورة، وقرأ بها النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك لم تُعد آية منها، فقد أجمع النَّاس على أنَّ سورة الكوثر ثلاث آيات، بدون بسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، كما أجمعوا على أن سورة الإخلاص أربع آيات بدون البسملة. ٢ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ سورة من القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجل حتَّى غُفر له، وهي سورة {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ". رواه التِّرْمِذِيّ كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة الملك (٢٨٩١). وقال التِّرْمِذِيّ: حديث حسن. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ابتدأ سورة الملك دون ذكر البسملة، مما يدل على أنها ليست من السورة. علمًا بأن العلماء متفقون على أن سورة تبارك ثلاثون آية بدون البسملة. ٣ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله تعالى حمدني عبدي. . " الحديث. رواه مسلم كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة فاتحة الكتاب (٣٩٥ هـ). فهذا الحديث يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة، إذ إن الله تعالى بدأ الفاتحة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ولو كانت البسملة آية من الفاتحة لابتدأ بها، وعدَّها آية منها. =