للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى نفذت المشاقص في جوفه فاستشهد يومئذٍ - رضي الله عنه -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عند الله احتسبك، ما رأيت قط أشرفَ منه، لقد رأيته بمكة وإنّ عليه بُرْدين ما يُدرى ما قيمتهما، وإن شراك نعله من ذهب، وإن عن يمينه غلامين، وعن يساره غلامين؛ بيد كل واحد منهما قَعْبٌ من حَيس يأكل ويطعم الناس، فآثره الله تعالى بالشهادة". وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أهديت له طُرْفَة خبّأها لمصعب بن عمير - رضي الله عنه -، فأنزل الله تعالى فيه: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (١).

وأُخِذ أخوه يوم (بدر) أسيرًا فقال: أنا أبو عزيز بن عمير (٢)، أخو مصعب بن عمير، فلم يشدّوه في الوثاق مع الأسارى، وقالوا: هذا الطريق اذهب حيث شئت، قال: إني أخاف أن تقتلني قريش، فذهبوا به إلى منزلهم وأكرموه بالخبز والتمر، فكان يمدّ يده إلى التمر ويدع الخبز، والخبز عند أهل المدينة أعزّ من التمر، والتمر عند أهل مكة أعزّ من الخبز، فلما أصبحوا مضوا به إلى مصعب - رضي الله عنه -، وقالوا: أخوك عندنا، وأخبروه بما فعلوا به، فقال: ما هو لي بأخٍ ولا كرامة، شدّوا وثاقه؛ فإن أُمّه أكثر أهل البطحاء حُليًّا، فأرسلت أمه في فدائه.

ثم أقبل يوم أحد فلما رأى أخاه مصعب بن عمير - رضي الله عنه -؛ قال في نفسه: والله لا يقتلك غيري، فما زال به حتى قتله، وفيه أنزل


(١) الرحمن: ٤٦.
(٢) انظر ترجمته في "الاستيعاب" لابن عبد البر ٤/ ٣٦، "الإصابة" لابن حجر ١١/ ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>