للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكانوا بني عمّ لا يرى بعضهم بعضًا، ولا يسمع بعضهم كلام بعض، فقال كل فريق قد غرق أصحابنا، فأوحى الله تعالى إلى الجبال من الماء أن تشبّكي، فتشبكت وصار فيه كهيئة الطيقان؛ فجعل ينظر بعضهم إلى بعض، فلما وصل فرعون بجنوده إلى البحر ورأوا البحر بتلك الهيئة قال فرعون: هابَنِيَ البحرُ! وهابوا دخول البحر، وكان فرعون على حصان أدهم، ولم يكن في خيل فرعون فرس أنثى، فجاء جبريل عليه السلام على فرس وديقٍ (١) وخاض البحر، وميكائيل عليه السلام يسوقهم لا يشذّ رجل منهم، فلما شمّ أدهم فرعون ريح فرس جبريل عليه السلام، وفرعون لا يراه، انسلَّ خلف فرس جبريل عليه السلام في الماء، ولم يملك فرعون من أمره شيئًا، واقتحمت الخيول خلفه في الماء، فلما دخل آخرهم البحر، وهمّ أولهم أن يخرج انطبق الماء عليهم، فلما ألجم فرعون الغرق قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل، فدسّ جبريل عليه السلام في فيه من حماة (٢) البحر وقال: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} (٣).


(١) الوديق: هي التي تشتهي الفحل؛ قاله ابن الأثير. "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٥/ ١٦٨، "لسان العرب" لابن منظور (ودق).
(٢) الحمأ: الطين الأسود المنتن. "مختار الصحاح" للرازي، "لسان العرب" لابن منظور (حمأ).
(٣) لفّق المؤلف هذا السياق من عدة روايات أسندها الطبري في "جامع البيان" ١/ ٢٧٥ - ٢٧٨ عند تفسير قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} وذكر بعضًا منها في نفس الموضع القرطبي في =

<<  <  ج: ص:  >  >>