(٢) الأخبار التي رواها المصنف في هذِه المسألة لا تصلح أن تُعارض بها الأحاديث الصحيحة في عدم الجهر كما سبق تفصيله. فائدة: في خاتمة الكلام حول الجهر بالبسملة والإسرار بها في الصلاة، أودّ أنْ أنبه إلى أمرين يتعلقان بهذِه المسألة: ١ - الأول: أنه رغم اختلاف العلماء في ذلك، إلا أنهم أجمعوا كلهم على صحة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسرَّ بها. قال ابن كثير رحمه الله: أجمعوا على صحة صلاة من جهر بالبسملة، ومن أسرَّ بها, ولله الحمد والمنة. "تفسير القرآن العظيم" ١/ ١٨٢. ٢ - الثاني: استحب بعض المحقّقين من أهل العلم والذين يرون الإسرار بالبسملة الجهر بها أحيانًا، إذا كان في ذلك مصلحة راجحة، فقد ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية أنه يجوز الجهر بها؛ لبيان أن قراءتها سنة. وقال رحمه الله: وكون الجهر بها لا يُشرع بحال -مع أنَّه قد ثبت عن غير واحد من الصحابة- نسبةٌ للصحابة إلى فعل المكروه وإقراره، مع أن الجهر في صلاة المخافتة يُشرع لعارض. وقال أيضًا: ومع هذا فالصواب أنَّ ما لا يُجهر به، قد يُشرع الجهر به لمصلحةٍ أحيانًا، لمثل تعليم المأمومين، ويسوغ للمصلين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحيانًا، ويسوغ أيضًا أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة خوفًا من التنفير عما يصلح. "الفتاوى" ٢٢/ ٤٠٨، ٤٣٦.