للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت مقيم على ذلك الفعل، فالمعنى: أنَّه لو شاء أن يخرجهم لأخرجهم، ولكنه أعلمهم أنَّه خالدون فيها. قال الزجاج: فهذا مذهب أهل اللغة.

وأما قول أهل المعاني فإنهم قالوا: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من مقدار موقفهم على رأس قبورهم وللمحاسبة (١).

والقول الرابع: وقع الاستثناء على الزيادة في النعيم والعذاب وتقديره: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} من زيادة النعيم لأهل النعيم، وزيادة العذاب لأهل الجحيم (٢).

وقال الفرّاء (٣): معناه: وقد شاء ربك خلود هؤلاء في النار وهؤلاء في الجنة، وإلَّا بمعنى الواو (٤) سائغ جائز في اللغة، قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} (٥) معناه: ولا الذين ظلموا. وأنشد أبو ثروان (٦):


(١) قاله ابن كيسان، واختاره ابن قتيبة، انظر: "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (٧٦).
(٢) ذكره النحاس في "معاني القرآن" ٣/ ٣٨١ واستحسنه.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨ بتصرف.
(٤) انظر: "مغني اللبيب" لابن هشام ١/ ٨٦ وجعَل من ذلك قوله تعالى: {إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} [النمل: ١٠ - ١١] أي: ولا الذين ظُلِموا.
(٥) البقرة: ١٥٠.
(٦) البيتان لابن دجاجة في "الكتاب" لسيبويه ٢/ ٣٢٨، ولابن حرقوص في "خزانة الأدب" لعبد القادر البغدادي، وبغير نسبة في "لسان العرب" لابن منظور ٢/ ٩٥ (نبت)، "سر صناعة الإعراب" لابن جني (٣٠٢). ولم أعرف أبا ثروان.

<<  <  ج: ص:  >  >>