الثاني: إن المكي ما وقع خطابًا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابًا لأهل المدينة. الثالث: إن المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعد الهجرة. انظر: "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي ١/ ٤٥. والمختار هو القول الثالث: وهو أن المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعد الهجرة، لما يلي: أولًا: لأنه مطرد في كل السور ولا اعتراض عليه. ثانيًا: لأن هذا الضابط الزمني يساعد في معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن لكون المكي نزل قبل المدني. أما القول الأول: فيخرج عنه ما نزل في خارج حدود مكة والمدينة فلا يعد في هذا النوع، مثل سورة الفتح كما روى البخاري في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة الفتح (٤٥٥٣)، قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أن رسول -عزَّ وجلَّ- كان يسير في بعض أسفاره ... فقال: "لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهيّ أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ: {إِنَّا فتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيْنَا (١)} ". وأما القول الثاني: فإنه غير مطرد في كل السور فبعض السور المكية لم تفتتح بخطاب أهل مكة وهو قوله: {يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ}، وبعض السور المدنية لم تفتتح بخطاب أهل المدينة وهو قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، وكذلك ورد قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ} [البقرة: ٢١] وهي مدنية، وكذلك سورة النساء مدنية وافتتحت بخطاب أهل مكة وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْنَّاسُ} الآية (١). انظر: "مباحث في علوم القرآن" لمناع القطان (ص ٦٢) بتصرف. =