للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن وابن زيد: هذا مثل للقرآن في قلب المؤمن، وكما أن هذا المصباح يستضاء به وهو كما هو لا ينقص فكذلك القرآن يهتدى به ويؤخذ ويعمل به، فالمصباح هو القرآن، والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحي، ويكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، يقول تكاد حجة القرآن تتضح (١) وإن لم يُقرأ (٢).

وقيل: تكاد حجج الله تعالى على خلقه تضيء لمن فكر فيها وتدبرها (ولو لم تمسسه نار أي) (٣) ولو لم ينزل القرآن (٤) {نُورٌ عَلَى نُورٍ}، (يعني أن القرآن نور من الله لخلقه مع ما قد أقام لهم


= آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١)} [الأنبياء: ٥١] وقال {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)} [النحل: ١٢٠] وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل مولود يولد على الفطرة" فإذا كان هذا في سائر الخليقة، فكيف يكون إبراهيم الخليل الذي جعله الله أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين. ناظرًا في هذا المقام، بل هو أولى الناس بالفطرة السليمة والسجية المستقيمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا شك ولا ريب، ومما يؤيد أنه كان مناظرًا لا ناظرًا قوله تعالى بعد تلك الآيات {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} فهو في مقام محاجة ومناظرة لا نظر وشك والله أعلم.
انتهى ملخصًا من "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٦/ ٩٧، - ٩٩، وانظر: "أضواء البيان" للشنقيطي ٢/ ٢٠١.
(١) في (ح): تنطق.
(٢) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٨/ ١٣٧ عنهما.
(٣) من (ح).
(٤) وهذا قول الطبري في "جامع البيان" ١٨/ ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>