للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجعل غيره مكانه (١).

{مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ} بهذه النعمة {بَعْدَ ذَلِكَ} (وليس) (٢) يعني: الكفر بالله {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

وروى الربيع عن أبي العالية في هذِه الآية قال: مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين خائفًا يدعو إلى الله تعالى سرًّا وعلانية ثم أمر بالهجرة إلى المدينة فمكث بها هو وأصحابه بها خائفين يصبحون في السلاح، ويمسون في السلاح. فقال رجل: ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع عنا السلاح؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَغْبُرون (٣) إلا


(١) قاله الفراء كما في "معاني القرآن" ٢/ ٢٥٩، وتبعه الطبري في "جامع البيان" ١٨/ ١٥٩، وعزاه النحاس في "إعراب القرآن" ٣/ ١٤٥ إلى أحمد بن يحيى ثم قال النحاس: وهذا القول صحيح غير أنه قد يستعمل أحدهما موضع الآخر والذي ذكره أكثر. وانظر: "تفسير ابن فورك" ٣/ ١٥/ أ، "معالم التنزيل" للبغوي ٦/ ٥٨، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٢/ ٣٠٠، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (١١١).
(٢) في الأصل، (ح): وآثر، والتصويب من (م) والطبري.
وهذا ما رجحه الطبري، وهو أن المراد بالآية كفر النعمة، ونسبه السمعاني في "تفسير القرآن" ٣/ ٥٤٤ لأكثر أهل التفسير، وقيل: إن المراد الكفر بالله وهو مرجوح، وذلك لأن الله وعد الأنعام على هذِه الأمة بما أخبر في هذِه الآية أنه منعم به عليهم، ثم قال عقيب ذلك فمن كفر هذِه النعمة بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون. انظر: "جامع البيان" للطبري ١٨/ ١٦٠.
(٣) أي: لا تمكثون، غبر الشيء يغبر غبورًا: مكث.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٥/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>