وقال ابن تيمية رحمه الله: وكذلك ما ادعوه أنَّه مجاز في القرآن، كلفظ المكر والاستهزاء والسخرية، المضاف إلى الله، وزعموا أنَّه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذِه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبةً له بمثل فعله كانت عدلاً. . إلى أن قال: ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلاً يستحق هذا الاسم، ثمَّ ذكر أثر ابن عباس الآتي، وقول الحسن، والقول بأن المراد هو تجهيلهم وتخطئتهم فيما فعلوه، ثمَّ قال: وهذا كله حق، وهو استهزاء بهم حقيقة. "مجموع الفتاوى" ٧/ ١١١ - ١١٢. وانظر: "مختصر الصواعق المرسلة" لابن الموصلي (ص ٢٦١). والقاعدة في باب الأسماء والصفات أنَّه إذا كانت الصفة كمالاً في حال ونقصاً في حال لم تكن جائزة في حق الله، ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تُثبت له إثباتاً مطلقاً ولا تُنفى عنه نفياً مطلقاً، بل لا بد من التفصيل، فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً، وذلك كالمكر والكيد والخداع ونحوها، فهذِه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثله؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير هذِه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق، وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها، كقوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠] وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: ١٥، ١٦] وقوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: ١٨٢، ١٨٣] وقوله: {إِنَّ =