للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبصارهم، ويذهب بضوئها ويعميها، من كثرته وشدة توقّده، وذلك قوله -عز وجل-: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ}. وهذا (١) مثلٌ ضربه الله -عز وجل- للقرآن وصُنع (٢) المنافقين والكافرين معه، فالمطر هو القرآن؛ لأنه حياة الجَنان، كما أن المطر حياة الأبدان، فيه ظلمات وهي ما في القرآن من ذكر الكفر والشرك والشك وبيان الفتن والمحن، ورعدٌ وهو ما خوِّفوا به من الوعيد، وذكر النار والزواجر والنواهي، وبرق وهو ما في القرآن من الشفاء والهدى والبيان والنور والوعد وذكر الجنة، فكما أنّ أصحاب الرعد والبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم (من الصواعق) (٣) حذر الموت، كذلك المنافقون واليهود والكافرون يسدّون آذانهم عند قراءة القرآن، ولا يُصغون إليه مخافة ميل القلب إلى القرآن، فيؤدي ذلك إلى الإيمان بمحمد (٤)، لأنَّ الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - عندهم كفر، والكفر موت (٥).

وقال قتادة: هذا مثلٌ ضربه الله تعالى للمنافق لجبنه، لا يسمع صوتاً إلا ظن أنَّه قد أتي، ولا يسمع صِياحاً إلا ظنّ أنَّه ميّت، أجبن قوم وأخذلهم للحق، كما قال تعالى في آية أخرى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ


(١) في (ت): فذلك.
(٢) في النسخ الأخرى: وصنيع.
(٣) زيادة من (ت).
(٤) ساقطة من (ج).
(٥) "البسيط" للواحدي ١/ ٥٧٧، "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ٧٠ - ٧١، "لباب التأويل" للخازن ١/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>