للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي؛ وذلك أنه أسلم فخاف أهل بيته فهاجر إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحلفت أمهُ أسماء بنت مخرمة بن أبي جندل بن نهشل (١) ألا تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسا ولا تدخل كِنًّا (٢) حتى يرجع إليها، فلما رأى ابناها -أبو جهل والحارث ابنا هشام وهما أخوا عيّاش لأمه- جزعها وحلفها رَكِبا في طلبه حتى أتيا المدينة، فقال أبو جهل لأخيه عياش: قد علمت أنك أحبُّ إلى أمك من جميع ولدها وكنت بارًا بها، وقد حلفت أمك أنها لا تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسها ولا تدخل كِنًّا حتى ترجع إليها، وأنت تزعم أن في دينك بر الوالدين، فارجع إليها فإن ربك الذي تعبده بالمدينة هو ربك بمكة فاعبده بها، فلم يزالا به حتى أخذ عليهما المواثيق لا يُحركاه ولا يصرفاه عن دينه، فأعطياه ما سأل من المواثيق فتبعهما، وقد صبرت أمه ثلاثة أيام ثم أكلت وشربت، قالا: فلما خرجوا من المدينة أخذاه فأوثقاه وجلده كل واحد منهما مائة جلدة حتى تبرأ من دين محمد عليه السَّلام جزعًا من الضرب وقال ما لا ينبغي، فأنزل الله عز وجل فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية.


(١) قال ابن حبان في "الثقات" ٣/ ٢٤: إنها جدته.
(٢) الكِنُّ: ما يرد الحر والبرد من الأبنية والمساكن ونحوها، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: ٨١].
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١٣/ ٣٦٠، "المعجم الوسيط" ٢/ ٨٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>