للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} يعني كأمهاتهم في الحرمة (١)، نظيرها قوله عز وجل: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (٢) أي كالسماوات وإنما أراد الله سبحانه بهذا تعظيم حقهن وحرمتهن، وأنه لا يجوز نكاحهن لا في حياة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-إن طلق- ولا بعد وفاته، وهن حرام على كل مؤمن كحرمة أمه، ودليل هذا التأويل أنَّه لا يحرم على الولد رؤية الأم، وقد حرم الله رؤيتهن على الأجنبيين، ولا يرثنهم ولا يرثونهن، فعلم أنهن أمهات المُؤْمنين من جهة الحرمة، ويحرم نكاحهن عليهم.

روى سفيان (٣)، عن فراس (٤)، عن الشعبي (٥)، عن مسروق (٦)


= وانظر: "جامع البيان" للطبري ٢١/ ١٢٢، عن أبي هريرة.
(١) قال ابن العربي رحمه الله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وَلَسْنَ لهم بأمهات، ولكنْ أُنْزِلْنَ منزلتهن في الحرمة، كما يُقال: زيد الشَّمس، أي أنزل في حسنه منزلة الشَّمس، وحاتم البحر أي أنزل في عموم جوده بمنزلة البحر؛ كل ذلك تكرمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحفظا لقلبه من التأذي بالغيرة. قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "تعجبون من غيره سعد؛ لأنا أغير منه، والله أغير مني". ولهذا قال: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إن ذلكم كان عند الله عظيمًا. ولم ينزل في هذِه الحرمة أحد منزلة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- ولا روعيت فيه هذِه الخصيصة، وإن غار وتأذى؛ ولكنه محتمل مع حظ المنزلة من خفيف الأذى. "أحكام القرآن" ٣/ ١٥٠٨.
(٢) آل عمران: ١٣٣.
(٣) الثَّوريّ، ثِقَة حافظ، فقيه عابد.
(٤) فراس بن يحيى الهمداني، صدوق ربما وهم.
(٥) عامر بن شراحيل، ثِقَة مشهور فقيه فاضل.
(٦) مسروق بن الأجدع، ثِقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>