للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: والله لقد كنا نجهد (١). قال الفتى: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا, ولخدمناه، وفعلنا وفعلنا. فقال حذيفة: يَا ابن أخي، والله لقد رأيتني ليلة الأحزاب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخندق في ليلة باردة لم أجد قبلها ولا بعدها بردًا أشد منه، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هَوِيًّا (٢) من الليل، ثم التفت إلينا فقال: "من يقوم فيذهب إلى هؤلاء القوم فيأتينا بخبرهم (٣) أدخله الله الجنة" فما قام منا رجل، ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هَوِيًّا من الليل، ثم التفت إلينا، فقال مثله، فأسكت القوم وما قام منا رجل، ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هَويًّا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: "من رجل يقوم فينظر لنا ما


(١) يقال: جهد الرَّجل في الشيء: أي جد فيه وبالغ، وجاهد في الحرب مجاهدة وجهاداً. وفي حديث معاذ - رضي الله عنه -: (أجتهد رأيي) الاجتهاد: بذل الوسع في طلب الأمر، وهو افتعال من الجهد. وفي حديث أم معبد (شاة خلفها الجهد عن الغنم) قد تكرر لفظ الجهد والجهد في الحديث كثيرًا، وهو بالضم: الوسع والطاقة، وبالفتح: المشقة. وقيل المبالغة والغاية. وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غيره ويريد به في حديث أم معبد: الهزال. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ١/ ٣١٩ - ٣٢٠ (جهد). "لسان العرب" لابن منظور ٤/ ١٠٧ - ١١٠ (جهد).
(٢) هويًّا: بهاء مفتوحة، أو مضمومة، وياء مشدودة: الساعة الممتدة من الليل، والهوي: الزمن الطَّويل. والهَويّ بالفتح: الحيِنُ الطَّويل من الزمان. وقيل: هو مختص بالليل.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٢٠/ ٢٤٨ - ٢٤٩. (هوى).
(٣) يدل على أنَّه ينبغي للإمام وأمير الجيش بعث الجواسيس والطلائع لكشف خبر العدو. انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٢/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>