للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعل القوم على أن يكون رفيقي في الجنة"، فما قام رجل من شدة الخوف، وشدة الجوع، وشدة البرد، فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يَا حذيفة" -ولم يكن لي بد حين دعاني- فقلت: لبيك يَا رسول الله فقمت حتَّى أتيته وإن جنبتي ليضطربان، فمسح رأسي ووجهي ثم قال: "أثبت على هؤلاء القوم حتَّى تأتيني بخبرهم، ولا تحدثن شيئًا حتَّى ترجع إليّ". ثم قال: "اللهمَّ أحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته" فأخذت سهمي، وشددت على أسلابي (١)، ثم انطلقت أمشي نحوهم كأني أمشي في حمّام (٢)، فذهبت فدخلت في القوم وقد


(١) السلب: ما يأخذه أحدُ القِرْنَين في الحرب من قِرْنِه مما يكون عليه ومعه مِنْ سِلاح وثياب ودَابَّة وغيرها، وهو فَعلٌ بمعنى مَفْعُول: أي مسلُوب. والسلاب: ثوب أسود تُغَطي به المُحِدَّة رأْسَها. والجمع سُلُب. والسلَب بالتحريك: قِشْر شَجَر معروف باليَمَن يُعْمل منه الحبالُ. وقيل هو لِيف المُقْل.
وقد تكون: (أصلابي)، والأصلابُ: جمع صلب، وهو الظهر. ومنه حديث: "إن الله خلق للجنة أهلَا، خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم"، ومنه حديث سعيد ابن جبير (في الصلب الدية) أي إن كسر الظهر فحدب الرَّجل ففيه الدية. وقيل أراد إن أصيب صلبه بشيء حتَّى أذهب منه الجماع، فسمي الجماع صلبًا؛ لأن المني يخرج منه.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ٣٨٧ (سلب)، (٣٤٤ - ٤٥) (صلب).
(٢) قال النووي رحمه الله: يعني أنَّه لم يجد البرد الذي يجده النَّاس ولا من تلك الريح الشديدة شيئًا، بل عافاه الله منه ببركة إجابته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وذهابه فيما وجهه له، ودعائه - صلى الله عليه وسلم - له، واستمر ذلك اللطف به ومعافاته من البرد حتَّى عاد إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فلما رجع ووصل عاد إليه البرد الذي يجده النَّاس، وهذا من معجزات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. =

<<  <  ج: ص:  >  >>