للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأصبحت رمته ملقاة لا يدرى أين ذهب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه تلك المقالة والله أعلم.

فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتواثبت الأوس فقالوا: يا رسول الله، إنهم موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد علمت. وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل بني قريظة، حاصر بني القينقاع (١)، وكانوا حلفاء الخزرج فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن أبي سلول فوهبهم له (٢)، فلما كلمته الأوس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا ترضون يا معاشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم (٣)؟ "، قالوا: بلى، قال: "فذاك إلى سعد


(١) قينقاع: وهو بفتح القاف وضم النون وقد تكسر وتُفْتح، بَطْن من بطون يَهُود المدينة أُضيفَت سُّوق قَيْنُقاع إليهم، وقد كانوا حلفاء الخزرج.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٤/ ١٣٦.
(٢) قال النووي رحمه الله: إن المعاهد والذمي إذا نقض العهد صار حربياً، وجرت عليه أحكام أهل الحرب، وللإمام سبي من أراد منهم، وله المن على من أراد، وإذا منَّ عليه ثم ظهرت منه محاربة انتقض عهده، وإنما ينفع المنّ فيما مضى لا فيما يستقبل، وكانت قريظة في أمان، ثم حاربوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونقضوا العهد، وظاهروا قريشًا على قتال النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦)} إلى آخر الآية. انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٢/ ٩١ كتاب الجهاد، باب جلاء اليهود من الحجاز.
(٣) فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين وفي مهماتهم العظام، وقد أجمع العلماء عليه، ولم يخالف فيه إلا الخوارج، فإنهم أنكروا على عليّ التحكيم، وأقام =

<<  <  ج: ص:  >  >>