للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيهم أن يُقَّتَّل الرجال، وتُقَّسَّم الأموال، ويسبى الذراري والنساء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسعد: "لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" (١).

ثمَّ استنزلوا فحبسهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار، ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى سوق المدينة -التي هي سوقها اليوم- فخندق بها خندقاً، ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك


(١) حديث صحيح: "طبقات ابن سعد" (٣ - ٢ - ٦) وأصله في الصحيحين.
وهنا مسألة: من فوق سبعة أرقعة: أي: من فوق سبع سماوات، وهذِه عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي أن الله تعالى مستوٍ على عرشه بذاته، ليس داخل العالم، بل منفصل عنه وبائن عنه، وهو مطلع على كل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥] ومما يدل على علوه على خلقه نزول القرآن من عنده، والنزول لا يكون إلا من أعلى إلى أسفل، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨] وفي حديث معاوية بن الحكم السلمي قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للجارية: "أين الله؟ "، قالت: في السماء، قال: "من أنا؟ "، قالت: رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".
رواه أحمد في "المسند" ٥/ ٤٤٧ (٢٣٧٦٢)، ومالك في "الموطأ" (٦٦٦) كتاب العتاقة، ومسلم كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة (٥٣٧).
وللناس في هذا المقام مقالات كثيرة ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري وغيرهم كان أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، وتعالى الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله، بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>